تتجلى أحداث القدس التاريخية في الأسماء العديدة التي أطلقت على المدينة، فقد عمّر العرب الكنعانيون بيت المقدس قبل نحو 5000، ودعوها (أورسالم) نسبة إلى سالم أو شالم بمعنى السلام،
وأور كلمة سومرية تعني مدينة. وقد انتقل هذا الاسم إلى الأمم القديمة عن طريق العرافيين حيث حرّف إلى (يروشالايم) عند اليهود، و(أوشامام) عند الفراعنة، و(هيروسوليما) عند اليونان
والرومان، و(جروسالم) عند الغربيين (9) .
وفي القرن الثاني عشر قبل الميلاد، أغار بنو إسرائيل على أرض كنعان. وحاربت القبيلة الكنعانية العربية التي استقرب منذ فجر تاريخها في مدينة القدس والجبال المحيطة بها، بني إسرائيل
نحو مائتي سنة. وخلال تلك المدة، اشتهرت القدس باسم (مدينة يبوس)، وهو اسم أطلقه يوشع – قاد بني إسرائيل – نسبة لاسم زعيم القبيلة الكنعانية. وحين دخل اليهود المدينة سنة 997 قبل
الميلاد بقيادة داود عليه السلام، أصبحت تعرف باسم (مدينة داود)، إذ أنه جعلها مقراً لحكمه (10) .
ولكن اسم (مدينة داود) الذي أطلق على القدس لم يدم طويلاً، فقد أخذت (أورشليم) تحل محلها. وعلى الرغم من انتهاء النفوذ السياسي لليهود الذي لم يستمر أكثر من 73 سنة، إلا أن الفرس
واليونان والرومان الذي تعاقبوا في السيطرة على المدينة استمروا في استخدام اسم (أورشليم)، وهو كما ذكرنا تحريف لاسمها العربي الكنعاني (أورسالم – أورشاليم) .
وفي عام 135 ميلادية، دمر الإمبراطور الروماني هدريان المدينة ومسحها وشتت أهلها، وغير اسمها إلى (إيليا كابيتولينا) ويقال معناها بيت الله – ومع أن الإمبراطور قسطنطنين أعاد للقدس
اسمها القديم (أورشليم) سنة 324 ميلادية، إلا أن العرب ظلوا يعرفونها باسم (إيليا) حتى بعد الفتح الإسلامي. أصبحت تعرف باسم (القدس) و(بيت المقدس) و(القدس الشريف)، أي المكان
المطهر من الذنوب، ويقال المنزه عن الشرك والمرتفع، وهي تسميات ثابتة في القرآن الكريم والسنة (11) .